قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنهما: كِتَابُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الصَّدَقَاتِ صَحِيحٌ، قَالَ: وَأَحْمَدُ يُشِيرُ بِالصِّحَّةِ إلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، لَا لِغَيْرِهَا، لِمَا سَيَأْتِي. وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَنُسْخَةُ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ تَلَقَّاهَا الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ بِالْقَبُولِ، وَهِيَ مُتَوَارَثَةٌ، كَنُسْخَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُد الْخَوْلَانِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، بَلْ الْمُرَجِّحُ فِي رِوَايَتِهِمَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي "الرِّسَالَةِ": لَمْ يَقْبَلُوهُ حَتَّى ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَحْمَدُ رضي الله عنه: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحًا، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ1: لَا أَعْلَمُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ الْمَنْقُولَةِ أَصَحَّ مِنْهُ، كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعُونَ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ، وَيَدَعُونَ آرَاءَهُمْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ"2 بِسَنَدِ ابْنِ حِبَّانَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَثْنَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْخَوْلَانِيِّ: مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيَّانِ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: وَحَدِيثُهُ هَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ مُرْسَلًا، وَيُوَافِقُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ مِنْ جِهَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ مَوْصُولًا، انْتَهَى.
وَمِنْهَا كِتَابُ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ إلَى حَضْرَمَوْتَ: رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الرِّدَّةِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ كِنْدَةَ مُسْلِمِينَ، أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي وَلِيعَةَ3 مِنْ كِنْدَةَ أَطْعِمَةً4 مِنْ ثِمَارِ حَضْرَمَوْتَ، وَجَعَلَ عَلَى أَهْلِ حَضْرَمَوْتَ نَقْلَهَا إلَيْهِمْ، وَكَتَبَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَقَامُوا أَيَّامًا، ثُمَّ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ الْبَيَاضِيُّ الْأَنْصَارِيِّ: سِرْ مَعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَقَدْ اسْتَعْمَلْتُك عَلَيْهِمْ، فَسَارَ زِيَادٌ مَعَهُمْ، عَامِلًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَضْرَمَوْتَ عَلَى صَدَقَاتِهَا "الْخُفُّ، وَالْمَاشِيَةُ، وَالثِّمَارُ، وَالْكُرَاعُ، وَالْعُشُورُ"، فَقَالَ زِيَادٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي اُكْتُبْ لِي كِتَابًا لَا أَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا أُقَصِّرُ دُونَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَكَتَبَ لَهُ: "بسم الله الرحمن الرحيم، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ