بْنِ زِيَادٍ، وَأَمَّا رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَهُوَ الْكُوفِيُّ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ: ابْنُ زِيَادٍ1، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ عَلَى لِينِهِ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَرَوَى لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: لَا أعلم تَرَكَ حَدِيثَهُ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا2 فِي "كِتَابِهِ" الَّذِي فِي الضُّعَفَاءِ وَاحِدًا، وَهُوَ وَهْمٌ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ رحمه الله فِي "سُنَنِهِ"3 عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَمْزَةَ يَوْمَ أُحُدٍ بِاللَّفْظِ الَّذِي قَبْلَهُ، سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ: وَعَبْدُ الْعَزِيزِ هَذَا ضَعِيفٌ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي "السِّيرَةِ"4 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ مِقْسَمٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَمْزَةَ رضي الله عنه فَجِيءَ بِبُرْدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ أُتِيَ بِالْقَتْلَى يُوضَعُونَ إلَى حَمْزَةَ، يُصَلِّي عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْهِ مَعَهُمْ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ صَلَاةً، مُخْتَصَرٌ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي "الرَّوْضِ الْأُنُفِ": قَوْلُ ابْنِ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، إنْ كَانَ هُوَ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، فَهُوَ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مَجْهُولٌ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ صَلَّى عَلَى شَهِيدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ مَغَازِيهِ، إلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَلَا فِي مُدَّةِ الْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: قَدْ وَرَدَ مُصَرَّحًا فِيهِ بِالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ الزَّبِيدِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ5 عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ أَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَتْلَى، فَرَأَى مَنْظَرًا سَاءَهُ، فَرَأَى حَمْزَةَ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، وَاصْطُلِمَ أَنْفُهُ، وَجُدِعَتْ أُذُنَاهُ، فَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ يَحْزَنَ النِّسَاءُ، أَوْ يَكُونَ سُنَّةً بَعْدِي6 لَتَرَكْته، حَتَّى يَحْشُرَهُ اللَّهُ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ، وَالطَّيْرِ، وَلَمَثَّلْت بِثَلَاثِينَ7 مِنْهُمْ مَكَانَهُ"، ثُمَّ دَعَا بِبُرْدَةٍ، فَغَطَّى بِهَا وَجْهَهُ، فَخَرَجَتْ رِجْلَاهُ، فَغَطَّى بِهَا رِجْلَيْهِ، فَخَرَجَ رَأْسُهُ، فَغَطَّى بِهَا رَأْسَهُ، وَجَعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْإِذْخِرِ، ثُمَّ قَدَّمَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ جَعَلَ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ فَيُوضَعُ إلَى جَنْبِهِ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ يُرْفَعُ، وَيُجَاءُ بِالرَّجُلِ الْآخَرِ، فَيُوضَعُ، وَحَمْزَةُ مَكَانَهُ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ