قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ1" حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ، انْتَهَى. وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ2" أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ "قَالَ: أَوْصَى أَبُو مَيْسَرَةَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيُّ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى لَحْدِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ، وَقَالَ: إنِّي رَأَيْت الْمُهَاجِرِينَ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ، قَالَ: فَضَمُّوا أَرْبَعَةَ حَرَادِيَّ3 بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، وَجَعَلُوهَا لَحْدًا. انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عليه السلام جُعِلَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ، فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4. قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّمَا جَعَلَهَا شُقْرَانُ بِرَأْيِهِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا عَلِمُوا بِفِعْلِهِ، وَفِي رِوَايَةِ لِلتِّرْمِذِيِّ إشَارَةٌ إلَى هَذَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ، وَمَنْ شَاهَدَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُسَنَّمٌ، قُلْتُ: الْأَوَّلُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رضي الله عنهما فِي "كِتَابِ الْآثَارِ5" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا يَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ وَتَجْصِيصِهَا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: فِيهِ أَحَادِيثُ: فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ6" عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ سُفْيَانَ التَّمَّارَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ عليه السلام مُسَنَّمًا، انْتَهَى. وَهُوَ مِنْ
مَرَاسِيلِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيُّ بِسَنَدِ ابْنِ دِينَارٍ التَّمَّارِ إلَّا قَوْلَهُ هَذَا، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، وَلَفْظُهُ عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: دَخَلْت الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْت قَبْرَ النَّبِيِّ عليه السلام، وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مُسَنَّمَةً، انْتَهَى. وَعَارَضَهُ النَّوَوِيُّ فِي "الْخُلَاصَةِ7"، بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد8 عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْت: يَا أُمُّهُ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةً وَلَا لَاطِيَةً، مَبْطُوحَةً بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: