وَمِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كِتَابِ الضُّعَفَاءِ": اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُ حَدِيثِهِ مِنْ قَدِيمِهِ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إنَّهُ بَاطِلٌ، وَكَيْفَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ؟!، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ صالح مولى التوءَمة، وَهُوَ مِمَّا يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ صَالِحٍ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ أَصَحُّ، وصالح مولى التوءَمة مُخْتَلَفٌ فِي عَدَالَتِهِ، كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَجْرَحُهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أُجِيبُ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ: أَحَدِهَا: أَنَّهُ ضَعِيفٌ، لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ مَوْلَى التوءَمة، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ الْمَسْمُوعَةِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ. وَالثَّالِثِ: أَنَّ اللَّامَ فِيهِ، بِمَعْنَى: عَلَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} أَيْ فَعَلَيْهَا، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ فِي "الْخُلَاصَةِ": وَقَدْ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَالْخَطَّابِيُّ. وَالْبَيْهَقِيُّ، قَالُوا: وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَوْلَى التوءَمة، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي عَدَالَتِهِ، وَمُعْظَمُ مَا جَرَحُوهُ بِهِ الِاخْتِلَاطُ، لَكِنْ قَالُوا: إنَّ سَمَاعَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْهُ كَانَ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ، سُهَيْلٍ. وَأَخِيهِ، انْتَهَى. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: صَلَاتُهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْسُوخَةٌ، وَآخِرُ الْفِعْلَيْنِ مِنْهُ عليه السلام التَّرْكُ، لِإِنْكَارِ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَائِشَةَ، وَلَوْ عَلِمُوا خِلَافَهُ لَمَا أَنْكَرُوهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ نَسْخُ حَدِيثِ عَائِشَةَ، لَذَكَرَهُ يَوْمَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ، وَيَوْمَ صَلَّى عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ، وَلَذَكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى عَائِشَةَ أَمْرَهَا بِإِدْخَالِهِ الْمَسْجِدَ، أَوْ ذَكَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَ رَوَتْ فِيهِ الْخَبَرَ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْجَوَازِ، فَلَمَّا رَوَتْ فِيهِ الْخَبَرَ سَكَتُوا، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ، وَلَا عَارَضُوهُ بِغَيْرِهِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ شَهِدُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا، وَفِي تَرْكِهِمْ الْإِنْكَارَ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ صَالِحٍ، مولى التوءَمة، فَيُتَأَوَّلُ عَلَى نُقْصَانِ الْأَجْرِ، أَوْ تَكُونُ اللَّامُ، بِمَعْنَى: عَلَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ2 عَنْ إسْمَاعِيلَ