عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي بِهَا حُصَيْنٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، حَتَّى جاء معاذ، فأشاروا إلَيْهِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إلَّا كُنْت عَلَيْهَا، قَالَ: فَقَالَ عليه السلام: "إنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً، كَذَلِكَ فَافْعَلُوا"، مُخْتَصَرٌ، قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي "كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ": قَالَ الْمُزَنِيّ: مَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهَذِهِ السُّنَّةِ، فَوَافَقَ ذَلِكَ فِعْلَ مُعَاذٍ، فَإِنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا يُسَنُّ، وَلَيْسَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَى غَيْرِهِ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" عَنْ الْمُزَنِيّ رحمه الله، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِهِ عليه السلام، إذَا سُبِقَ الرَّجُلُ بِبَعْضِ صَلَاتِهِ، سَأَلَهُمْ فأومأوا إلَيْهِ بِاَلَّذِي سُبِقَ بِهِ، فَيَبْدَأُ لِيَقْضِيَ مَا سَبَقَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ مُعَاذٌ، وَالْقَوْمُ قُعُودٌ فِي صَلَاتِهِمْ، فَقَعَدَ، فَلَمَّا فَرَغَ عليه الصلاة والسلام، قَامَ، فَقَضَى مَا كَانَ سُبِقَ بِهِ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: "قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ فَاقْتَدُوا بِهِ، إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ، وَقَدْ سُبِقَ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلْيُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ بِصَلَاتِهِ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ، فَلْيَقْضِ مَا سُبِقَ بِهِ"، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ مُعَاذٍ نَظَرٌ، تَقَدَّمَ فِي "الْأَذَانِ".
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ، فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سُبِقَ الرَّجُلُ بِبَعْضِ صلاته سألهم، فأومأوا إلَيْهِ بِاَلَّذِي سُبِقَ بِهِ، فَيَبْدَأُ، فَيَقْضِي مَا سُبِقَ بِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ، فَجَاءَ مُعَاذٌ، وَالْقَوْمُ قُعُودٌ فِي صَلَاتِهِمْ، فَقَعَدَ، فَلَمَّا فَرَغَ عليه السلام، قَامَ، فَقَضَى مَا كَانَ سُبِقَ بِهِ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: "قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ، فَاقْتَدُوا بِهِ، إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ"، الْحَدِيثَ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْمُرْسَلُ، فَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا جَاءَ الرَّجُلُ، وَقَدْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ، أَشَارَ إلَيْهِ النَّاسُ فَصَلَّى مَا فَاتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى جَاءَ يَوْمًا مُعَاذُ بن جبل، فأشاروا إلَيْهِ، فَدَخَلَ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ مَا قَالُوا، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: "قَدْ سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ، فَاقْبَلُوا"، انْتَهَى. الْوَجْهُ الْآخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. قَالَ: الرَّجُلُ إذَا جَاءَ، وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ، سَأَلَ، فَإِذَا أُخْبِرَ بِشَيْءٍ سُبِقَ بِهِ صَلَّى الَّذِي سُبِقَ بِهِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ، فَدَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَمْ يَسْأَلْ، فَلَمَّا فَرَغَ عليه الصلاة والسلام، قَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عليه السلام: "إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً فَاتَّبِعُوهَا"، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، فَجَعَلَ الْقِصَّةَ فِي مُعَاذٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ