الدُّنْيَا، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ". وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَلَفْظُهُ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَقَنَتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً يدعو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَزَجَرَهُ أَنَسٌ، وَقَالَ: مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، قَالَ إسْحَاقُ: وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَرَكَهُ1 "يَعْنِي تَرَكَ تَسْمِيَةَ الْقَوْمِ فِي الدُّعَاءِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي "كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ" لَهُ. وَفِي "الْخُلَاصَةِ" لِلنَّوَوِيِّ، صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فِي "كِتَابِ الْمُسْتَدْرَكِ"، فَلْيُرَاجَعْ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَعَنْ الْحَاكِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ2" بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ، وسكت عنه، قال: وَلَهُ شَوَاهِدُ عَنْ أَنَسٍ ذَكَرْنَاهَا فِي "السُّنَنِ"، وَقَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ عَلَى التَّحْقِيقِ": هَذَا الْحَدِيثُ أَجْوَدُ أَحَادِيثِهِمْ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَثَّقُوا أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي "كِتَابِ الْقُنُوتِ" لِأَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ، قَالَ: وَإِنْ صَحَّ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مَا زَالَ يَقْنُتُ فِي النَّوَازِلِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَا زَالَ يُطَوِّلُ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْقُنُوتَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطَّاعَةِ، وَالْقِيَامِ، وَالْخُشُوعِ، وَالسُّكُوتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} وَقَالَ: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} وَقَالَ: {وَمَنْ يَقْنُتُ مِنْكُنَّ لِلَّهِ} ،وَقَالَ: {يَا مَرْيَمُ اُقْنُتِي لِرَبِّك} ،وَقَالَ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ، وَقَالَ: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} ، وَفِي الْحَدِيثِ: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ3"، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "كِتَابِ التَّحْقِيقِ"، وَفِي "الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ"، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ، وَاسْمُهُ "عِيسَى بْنُ مَاهَانَ"، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَخْلِطُ، وَقَالَ يَحْيَى: كَانَ يُخْطِئُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ يَهِمُ كَثِيرًا، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنْ الْمَشَاهِيرِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ الْآثَارِ4، وَسَكَتَ عَنْهُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَرَكَهُ، انْتَهَى.
قُلْت: وَيُعَارَضُ أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ5" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثَنَا غَالِبُ بْنُ فَرْقَدٍ الطَّحَّانِ، قَالَ: كُنْت عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مالك شهري، فَلَمْ يَقْنُتْ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، انْتَهَى. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: لَمْ يُرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ