نصب الرايه (صفحة 563)

قُلْت: وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ1: ذُو الْيَدَيْنِ، وَيُقَالُ: ذُو الشِّمَالَيْنِ، اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَضْلَةَ مِنْ خُزَاعَةَ، انْتَهَى. الْجَوَابُ الثَّانِي لِأَصْحَابِنَا: عَنْ حديث ذِي الْيَدَيْنِ، قَالُوا: إنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ. وَعُمَرَ. وَغَيْرَهُمَا مِنْ النَّاسِ تَكَلَّمُوا عَامِدِينَ، وَأَجَابَ الْخَطَّابِيُّ عَنْ هَذَا بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا، وَلَكِنَّهُمْ أَشَارُوا، وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، أنهم أومأوا2 أَيْ نَعَمْ، وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُمْ قَالُوا: نَعَمْ، إنَّمَا هُوَ تَجَوُّزٌ، وَنَقْلٌ بِالْمَعْنَى، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: قُلْت بِرَأْسِي: نَعَمْ. الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّ كَلَامٍ كَانَ جَوَابًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَيْرُ مَنْسُوخٍ جَوَازُهُ فِي الصَّلَاةِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى3 قَالَ: كُنْت أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ أُجِبْهُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ؟ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ جَوَابَ الرَّسُولِ وَاجِبٌ، لَمْ يُبْطِلْ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي"الْإِمَامِ": وَبِهَذَا الْحَدِيثِ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِكَلَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ لَا يُبْطِلُ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ4: تَحْرِيمُ الْكَلَامِ إنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ سَكَتُوا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015