نصب الرايه (صفحة 527)

الصَّفِّ، قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللَّهِ حِينَ انْصَرَفَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اسْتَقْبِلْ صَلَاتَك، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ"، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ". وَالْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَقَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، إنَّمَا حَدَّثَ عَنْهُ مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو. وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، فَأَمَّا مُلَازِمٌ، فَقَدْ اُحْتُمِلَ حَدِيثُهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، فَقَدْ سَكَتَ النَّاسُ عَنْ حَدِيثِهِ، وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَانُ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ إلَّا ابْنُهُ، وَابْنُهُ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَإِنَّمَا يرتفع جَهَالَةُ الْمَجْهُولِ إذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَتَانِ مَشْهُورَانِ، فَأَمَّا إذَا رَوَى عَنْهُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ حُجَّةً، وَلَا ارْتَفَعَتْ جَهَالَتُهُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ شَيْبَانُ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَلَا يُعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ إلَّا النَّضْرُ، وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ رَوَى أَحَادِيثَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَقَدْ عَارَضَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إنْ جَاءَ رَجُلٌ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا، فَلْيَخْتَلِجْ إلَيْهِ رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ، فَلْيَقُمْ مَعَهُ، فَمَا أَعْظَمُ أَجْرَ الْمُخْتَلِجِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ1.

الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَوَازِ:أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ2" عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ دَبَّ حَتَّى انْتَهَى إلَى الصَّفِّ، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالَ: "إنِّي سَمِعْت نَفَسًا عَالِيًا، فَأَيُّكُمْ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى إلَى الصَّفِّ"؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَشِيتُ أَنْ تَفُوتَنِي الرَّكْعَةُ، فَرَكَعْتُ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ لَحِقْت الصَّفَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَادَك اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ"، انْتَهَى. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ عليه السلام بِالْإِعَادَةِ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ لَيْسَ عَلَى الْإِيجَابِ، وَلَكِنْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ: "وَلَا تَعُدْ" إنَّمَا هُوَ إرْشَادٌ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْزِئًا، لِأَمْرِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا وَقَعَ عَنْ السُّرْعَةِ، وَالْعَجَلَةِ إلَى الصَّلَاةِ، كَأَنَّهُ أَحَبَّ لَهُ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015