فَهْمًا فِي نَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ، وَتَأَمَّلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلِمَ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِإِسْنَادِهِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُكَاشَةَ بِهِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عُكَاشَةَ هَذَا كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمَأْمُونِ بْنِ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ ثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ فِي كِتَابِ التَّحْقِيقِ، وَنَقَلَ فِي الْكِتَابَيْنِ عَنْ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ قَالَ: مَأْمُونٌ هَذَا كَانَ دَجَّالًا مِنْ الدَّجَاجِلَةِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمَا أَبْلَهَ مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْبَاطِلَةَ لِتُقَاوِمَ بِهَا الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ، فَقَدْ رَوَى الرَّفْعَ مِنْ الصَّحَابَةِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ، وَسَمَّى سِتَّةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا، قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَكُنْ الْحَدِيثُ صِنَاعَتَهُ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ الِاحْتِجَاجُ بِالْأَبَاطِيلِ، انْتَهَى.
الْآثَارُ فِي ذَلِكَ: رَوَى الطَّحَاوِيُّ1، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الحسن بن عياش عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ إبْرَاهِيمَ. وَالشَّعْبِيَّ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَهَذَا عُمَرُ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَيْضًا إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ، فَإِنَّ مَدَارَهُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ حُجَّةٌ، ذكر ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ، انْتَهَى. وَاعْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ: بِأَنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ لَا يَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ، وَلَا تُعَارَضُ بِهَا الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَنْ طَاوُسٍ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ2 أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ، وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: لَمْ يَعُدْ، ثُمَّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَعَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ أَنَّ عُمَرَ3 كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَرْجِيحِ رِوَايَةٍ لَا مِنْ بَابِ التَّضْعِيفِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ سُفْيَانَ لَمْ يَذْكُرْ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ فِيهِ: لَمْ يَعُدْ، فَضَعِيفٌ جِدًّا، لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ سُفْيَانُ فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ، وَاَلَّذِي رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَمْ تُعَارَضْ رِوَايَةُ