ابْنَ مَسْعُودٍ، وَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ تَكَلَّمَ فِيهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ: إنَّهُ يَسْرِقُ الحديث من كلم مَنْ يُذَاكِرُهُ، حَتَّى كَثُرَتْ الْمَنَاكِيرُ وَالْمَوْضُوعَاتُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ الشَّيْخُ: أَمَّا قَوْلُهُ: إنَّهُ كَانَ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ مِنْ كُلِّ مَنْ يُذَاكِرُهُ، فَالْعِلْمُ بِهَذِهِ الْكُلِّيَّةِ مُتَعَذِّرٌ، وَأَمَّا إنَّ ذَلِكَ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ، فَأَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَدِيٍّ: كَانَ إسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ يُفَضِّلُ مُحَمَّدَ بْنَ جَابِرٍ عَلَى جَمَاعَةِ شُيُوخٍ هُمْ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَأَوْثَقُ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ الْكِبَارِ: أَيُّوبُ. وَابْنُ عَوْنٍ. وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. وَالثَّوْرِيُّ. وشعبة. ابن عُيَيْنَةَ. وَغَيْرُهُمْ، وَلَوْلَا أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُوَ دُونَهُمْ، وَقَدْ خُولِفَ فِي أَحَادِيثَ، وَمَعَ مَا تَكَلَّمَ فِيهِ فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَمِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ، قَالَ فِيهِ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ ميعن: ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَمِنْ النَّاسِ الْقَائِلِينَ بِالرَّفْعِ مَنْ سَلَكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا مَسْلَكَ الْبَحْثِ وَالْمُنَاظَرَةِ، فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَسْعُودٍ نَسِيَ الرَّفْعَ فِي غَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، كَمَا نَسِيَ فِي التَّطْبِيقِ. وَغَيْرِهِ، وَاسْتَبْعَدَ أَصْحَابُنَا هَذَا مِثْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ1 وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ فَحَدَّثَهُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: صَلَّيْنَا فِي مَسْجِدِ الْحَضْرَمِيِّينَ، فَحَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يَفْتَتِحُ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا سَجَدَ، فَقَالَ إبْرَاهِيمُ: مَا أَرَى أَبَاهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ الْوَاحِدَ، فَحَفِظَ عَنْهُ ذَلِكَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لم يحفظه، إنما رَفَعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَفْظُهُ: أَحَفِظَ وَائِلٌ، وَنَسِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ؟! وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ، وَزَادَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ رَآهُ مَرَّةً يَرْفَعُ، فَقَدْ رَآهُ خَمْسِينَ مَرَّةً لَا يَرْفَعُ، انْتَهَى. ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ كُلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ2: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إسْحَاقَ، هَذِهِ عِلَّةٌ لَا يُسَاوَى سَمَاعُهَا، لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنْ الخلفاء الراشدين، ثم الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَيْسَ فِي نِسْيَانِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِذَلِكَ مَا يُسْتَغْرَبُ3