فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا النَّاسُ رَافِعِي أَيْدِيهِمْ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أيديكم، كأنه أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ"، وَاَلَّذِي يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَالَ التَّسْلِيمِ لَا يُقَالُ لَهُ: اُسْكُنْ فِي الصَّلَاةِ، إنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لمن يرفع يديه أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ حَالَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَالرَّاوِي رَوَى هَذَا فِي وَقْتٍ، كَمَا شَاهَدَهُ، وَرَوَى الْآخَرَ فِي وَقْتٍ آخَرَ، كَمَا شَاهَدَهُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ بُعْدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1. وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: فَكَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ بِهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ: وَعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ أَيْضًا أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَعَلْقَمَةُ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ، انْتَهَى. وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأُمُورٍ: - مِنْهَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ2، قَالَ: لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ،