وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ طُرُقٌ أُخْرَى دُونَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ، وَفِيهَا مَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ، وَكُلُّ أَلْفَاظِهِ تَرْجِعُ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ يصدق بعضها بعضً، وَهِيَ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ: - فَالْأَوَّلُ: 1كَانُوا لَا يَسْتَفْتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَالثَّانِي:2فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ أَوْ يَقْرَأُ: بسم الله الرحمن الرحيم. وَالثَّالِثُ3: فلم يكونوا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم: وَالرَّابِعُ4: فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَالْخَامِسُ5: فَكَانُوا لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَالسَّادِسُ6: فَكَانُوا يُسِرُّونَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَالسَّابِعُ7: فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الْقُرْآنَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهَذَا اللَّفْظُ هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْخَطِيبُ، وَضَعَّفَ مَا سِوَاهُ لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظِ لَهُ عَنْ قَتَادَةَ، وَلِمُتَابَعَةِ غَيْرِ قَتَادَةَ لَهُ عَنْ أَنَسٍ فِيهِ، وَجَعَلَهُ اللَّفْظَ الْمُحْكَمَ عَنْ أَنَسٍ، وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُتَشَابِهًا، وَحَمَلَهُ عَلَى الِافْتِتَاحِ بِالسُّورَةِ لَا بِالْآيَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْأَلْفَاظِ الْمُنَافِيَةِ بِوَجْهٍ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ مُنَاقِضًا لَهَا؟، فَإِنَّ حَقِيقَةَ هَذَا اللَّفْظِ الِافْتِتَاحُ بِالْآيَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّسْمِيَةِ جَهْرًا أَوْ سِرًّا، فَكَيْفَ يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ؟!، وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: "لَا يَذْكُرُونَ بسم الله الرحمن الرحيم. فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا" لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ، لِأَنَّ أَنَسًا إنَّمَا يَنْفِي مَا يُمْكِنُهُ الْعِلْمُ بِانْتِفَائِهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ مَعَ الْقُرْبِ عُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْهَرُوا، وَأَمَّا كَوْنُ الْإِمَامِ لَمْ يَقْرَأْهَا فَهَذَا لَا يُمْكِنُ إدْرَاكُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ سُكُوتٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ سِرًّا، وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا عَلَى عَدَمِ قِرَاءَتِهَا مَنْ لَمْ يَرَ هُنَا سُكُوتًا كَمَالِكٍ. وَغَيْرِهِ، لَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ8 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت سُكُوتَك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ