لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْقِبْلَةُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ1، قَالَ: إذَا جَعَلْت الْمَشْرِقَ عَنْ يَسَارِك وَالْمَغْرِبَ عَنْ يَمِينِك، فَمَا بَيْنَهُمَا قِبْلَةٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رَوَى الصَّحَابَةُ تَحَرَّوْا وَصَلَّوْا، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، فَحَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَعِيدٍ السَّمَّانِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ: فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، قَالَ: فَتَغَيَّمَتْ السَّمَاءُ وَأَشْكَلَتْ عَلَيْنَا الْقِبْلَةُ، فَصَلَّيْنَا، وَأَعْلَمْنَا، فَلَمَّا طَلَعَتْ الشَّمْسُ إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الْآيَةَ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاكَ، وَلَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ السَّمَّانِ، وَهُوَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَزَادَ فِيهِ، فَقَالَ: قَدْ مَضَتْ صَلَاتُكُمْ وَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: الْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِأَشْعَثَ. وَعَاصِمٍ، فَأَشْعَثُ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ. وَأَشْعَثُ السَّمَّانُ سيء الْحِفْظِ، يَرْوِي الْمُنْكَرَاتِ عَنْ الثِّقَاتِ، وَقَالَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ: مَتْرُوكٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ: أَحَدُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ3 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ، فَأَظَلَّ لَنَا غَيْمٌ، فَتَحَيَّرْنَا فَاخْتَلَفْنَا فِي الْقِبْلَةِ، فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى حِدَةٍ، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَخُطُّ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَعْلَمَ مَكَانَهُ، فَذَكَرْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَ لَنَا: "قَدْ أَجْزَأَتْ صَلَاتُكُمْ"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِرُوَاتِهِ كُلِّهِمْ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، فَإِنِّي لَا أَعْرِفُهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ، وَقَدْ تَأَمَّلْت كِتَابَيْ الشَّيْخَيْنِ فَلَمْ يُخَرِّجَا فِي هَذَا الباب شيئاً، قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ يُكَنَّى أَبَا سُهَيْلٍ، وَهُوَ وَاهٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا، وَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ