وَاشْرَبُوا"، قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ؟ قَالَ: لَا، لَمْ يَزَلْ الْأَذَانُ عِنْدَنَا بِلَيْلٍ، وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَزَلْ الصُّبْحُ يُنَادَى بِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّا لَمْ نَرَ يُنَادَى لَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ وَقْتُهَا، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَوْ كَانَ حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَائِدَةٌ، وَكَيْفَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ، وَهُوَ يَقُولُ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ؟ وَقَالَ الْأَثْرَمُ: وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَإِنَّهُ خَطَأٌ مِنْهُ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مُؤَذِّنًا يُقَالُ لَهُ: مَسْرُوحٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَسْعُودٌ أَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ حَدِيثَ حَمَّادٍ هَذَا: وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: أرأيت الرَّجُلَ يَغْمِزُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فَاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا طَعَنَ فِي السِّنِّ سَاءَ حِفْظُهُ، فَلِذَلِكَ تَرَكَ الْبُخَارِيُّ الِاحْتِجَاجَ بِحَدِيثِهِ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ اجتهد في أمره، أخرج مِنْ أَحَادِيثِهِ عَنْ ثَابِتٍ مَا سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، وَمَا سِوَى حَدِيثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، فَلَا يَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ حديثاً، أخرجها الشَّوَاهِدِ دُونَ الِاحْتِجَاجِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِمَا يُخَالِفُ فِيهِ الثِّقَاتِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جُمْلَتِهَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ الْإِمَامُ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيُّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَنْبَأَ أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ1 عَنْ الْحَسَنِ2 أَنَّهُ سَمِعَ مُؤَذِّنًا أَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَقَالَ: علوج تبارى3 الدُّيُوكَ، وَهَلْ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بعد ما يَطْلُعُ الْفَجْرُ؟ وَلَقَدْ أَذَّنَ بِلَالٌ بِلَيْلٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعِدَ، فَنَادَى: إنَّ الْعَبْدَ قد نام، فوِجد بلال وَجْدًا شَدِيدًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 عَنْ عَامِرِ بْنِ مُدْرِكٍ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، فَوَجَدَ بِلَالٌ وَجْدًا شَدِيدًا، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهَمَ فِيهِ عَامِرُ بْنُ مُدْرِكٍ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ مُؤَذِّنٍ لِعُمَرَ، يقل له: مستروح أَذَّنَ قَبْلَ الصُّبْحِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ، انْتَهَى.