صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ تسعة عشر كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، فَذَكَرَ الْأَذَانَ مُفَسَّرًا بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ، وَفِيهِ التَّرْجِيعُ، وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ، وَزَادَ فِيهَا: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا، لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ لَفْظَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، إلَّا أَنَّ النَّسَائِيّ قَالَ: ثُمَّ عَدَّهَا أَبُو مَحْذُورَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَسَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَلَفْظُهُ: فَعَلَّمَهُ الْأَذَانَ، وَالْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَهَذَا السَّنَدُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَاعْتَرَضَ الْبَيْهَقِيُّ2، وَقَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، دُونَ ذِكْرِ الْإِقَامَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَهَذَا الْخَبَرُ عِنْدِي غَيْرُ مَحْفُوظٍ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخَرِّجْهُ، وَلَوْ كَانَ مَحْفُوظًا لَمَا تَرَكَهُ مُسْلِمٌ. الثَّانِي: أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَدُمْ عَلَيْهِ أَبُو مَحْذُورَةَ، وَلَا أَوْلَادُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا لَمَا فَعَلُوا بِخِلَافِهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: أَدْرَكْت أَبِي وَجَدِّي يُؤَذِّنُونَ هَذَا الْأَذَانَ وَيُقِيمُونَ هَذِهِ الْإِقَامَةَ، فَذَكَرَ الْأَذَانَ مُفَسَّرًا بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ، وَتَثْنِيَةَ الشَّهَادَتَيْنِ، ثُمَّ يُرَجِّعُ بِهَا مَثْنَى مَثْنَى، وَتَثْنِيَةُ الْحَيْعَلَتَيْنِ. وَالتَّكْبِيرِ، وَيَخْتِمُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى، وَتَثْنِيَةُ التَّكْبِيرِ، أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا، وَأَجَابَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ بِأَنَّ عَدَمَ تَخْرِيجِ مُسْلِمٍ لَهُ لَيْسَ بِمُقْتَضٍ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إخْرَاجَ كُلِّ الصَّحِيحِ، وَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَاتِ وَلَدِ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَلَمْ يَقَعْ لَهَا فِي الصَّحِيحِ ذِكْرٌ، ثُمَّ إنَّ لِحَدِيثِ هَمَّامٍ تَرْجِيحَاتٍ: أحددها: أَنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَأَنَّ أَوْلَادَ أَبِي مَحْذُورَةَ لَمْ يُخَرَّجْ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ. الثَّانِي: أَنَّ فِيهِ ذكر الكلمات تسع عشر. وسبع عشر، وَهَذَا يَنْفِي الْغَلَطَ فِي الْعَدَدِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الرِّوَايَاتِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِيهَا اخْتِلَافٌ وَإِسْقَاطٌ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مُتَابَعَةً لهمام فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَامِرٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: عَلَّمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ تسع عشر كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَ كلمة، ثم إنه معارض بِتَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ، وَقَوْلُهُ: إنَّ هَذَا لَمْ يَدُمْ عَلَيْهِ أَبُو مَحْذُورَةَ، فَهَذَا دَاخِلٌ فِي بَابِ التَّرْجِيحِ، لَا فِي بَابِ التَّضْعِيفِ، لِأَنَّ عُمْدَةَ التَّصْحِيحِ عَدَالَةُ الرَّاوِي، وَتَرْكُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ لِوُجُودِ مَا هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ، لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ضَعْفُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَنْسُوخَةَ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا إذَا