نصب الرايه (صفحة 2028)

وَأَخُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ جَمِيعًا، وَخَلَّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ، وَالْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وكانا لي عوناً إلى مَنْ خَالَفَنِي، انْتَهَى1.

كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ، مَلِكِ الشَّامِ، مَعَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ، هَكَذَا عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ، وَعِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهُ جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ، عِوَضَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ شُجَاعًا إلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، وَهُوَ بِغُوطَةِ دِمَشْقَ2 فَكَتَبَ إلَيْهِ، مَرْجِعَهُ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَ، وَإِنِّي أَدْعُوك إلَى أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، يَبْقَى لَك مُلْكُك". وَخَتَمَ الْكِتَابَ، وَدَفَعَهُ إلَى شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ انْتَهَيْتُ إلَى حَاجِبِهِ، فَقُلْت لَهُ: إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إلَيْهِ، فَقَالَ لِي: إنَّك لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَى يَوْمِ كَذَا، فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ، أوثلاثة، وَجَعَلَ حَاجِبُهُ وَكَانَ رُومِيًّا، اسْمُهُ مُرَيٌّ يَسْأَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يَدْعُو إلَيْهِ، فَكُنْت أُحَدِّثُهُ، فَيَرِقُّ قَلْبُهُ، حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ، وَقَالَ: إنِّي قَرَأْتُ فِي الْإِنْجِيلِ صِفَةَ هَذَا النَّبِيِّ، وَكُنْتُ أَرَى أَنَّهُ يَخْرُجُ بالشام، وأنا أؤمن بِهِ، وَأُصَدِّقُهُ، وَكَانَ يُكْرِمُنِي، وَيُحْسِنُ ضِيَافَتِي، وَيُخْبِرُنِي عَنْ الْحَارِثِ بِالْيَأْسِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: هُوَ يَخَافُ قَيْصَرَ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمَ جُلُوسِهِ أَذِنَ لِي عَلَيْهِ، فَدَفَعْتُ إلَيْهِ الْكِتَابَ، فَقَرَأَهُ، ثُمَّ رَمَى بِهِ، وَقَالَ: مَنْ يَنْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي، أَنَا سَائِرٌ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ، عَلَيَّ بِالنَّاسِ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَعْرِضُ3 حَتَّى اللَّيْلِ، وَأَمَرَ بِالْخَيْلِ أَنْ تُنَعَّلَ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَك بِمَا تَرَى، وَكَتَبَ إلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي، فَصَادَفَ قَيْصَرَ بِإِيلِيَاءَ، وَعِنْدَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، وَقَدْ بَعَثَهُ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَرَأَ قَيْصَرُ كِتَابَ الْحَارِثِ، كَتَبَ أَنْ لَا تَسِرْ إلَيْهِ، وَالْهُ عَنْهُ، وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ، قَالَ: وَرَجَعَ الْكِتَابُ، وَأَنَا مُقِيمٌ، فَدَعَانِي، وَقَالَ: مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إلَى صَاحِبِك؟ قُلْت: غَدًا، فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ، وَوَصَّلَنِي الْحَاجِبُ بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، وَقَالَ لِي: اقْرَأْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي مُتَّبِعٌ دِينَهُ، قَالَ شُجَاعٌ: فَقَدِمْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْته، فَقَالَ: "بَادَ مُلْكُهُ"، وَأَقْرَأْته السَّلَامَ، وَأَخْبَرْته بِمَا قَالَ، فَقَالَ عليه السلام: "صَدَقَ"، انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015