الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام فِي حَدِيثِ سَعْدٍ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ" , بَعْدَ مَا نَفَى وَصِيَّتَهُ بِالْكُلِّ، وَالنِّصْفِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا، وَإِنَّمَا تَرِثُنِي ابْنَتِي، أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: "لَا"، قَالَ: فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: "لَا"، قَالَ: فَالنِّصْفُ؟ قَالَ: "لَا"، قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إنَّ صَدَقَتَك مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ نَفَقَتَك عَلَى عِيَالِك صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأَتُك مِنْ مَالِك صَدَقَةٌ، وَإِنَّك أَنْ تَدَعَ أَهْلَك بِخَيْرٍ"، أَوْ قَالَ: "بِعَيْشٍ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ"، انْتَهَى. بِلَفْظِ مُسْلِمٍ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1 فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فِي بَابِ قَوْلِهِ عليه السلام: "اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ"، وَفِي الْمَغَازِي، وَفِي الْفَرَائِضِ وَفِي الْوَصَايَا، وَفِي كِتَابِ الْمَرْضَى وَفِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَفِي الدَّعَوَاتِ، وَالْبَاقُونَ فِي الْوَصَايَا، وَقَوْلُهُ: أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ، عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ فِي الْوَصَايَا وَمَنْ عَدَاهُ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْكُلَّ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الثُّلُثَيْنِ، فَمَا بَعْدَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدَيْهِمَا بِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءً حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْت لَهُ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْت: فَالنِّصْفُ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْت: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 فِي الْفَضَائِلِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي آيَاتٌ مِنْ الْقُرْآنِ، فَذَكَرَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَمَرِضْتُ، فَأَرْسَلْتُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَانِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَقْسِمُ مَالِي حَيْثُ شِئْت، قَالَ: فَأَبَى، قُلْت: فَالنِّصْفُ؟ قَالَ: فَأَبَى، قُلْت: فَالثُّلُثُ؟ قَالَ: وَسَكَتَ، فَكَانَ بَعْدُ الثُّلُثُ جَائِزًا، مُخْتَصَرًا.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: الْحَيْفُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَفَسَّرُوهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ، وَبِالْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3 عَنْ عُمَرَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هند عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ