إمَّا أَنْ يُودَى، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ1 إمَّا أَنْ يَعْفُوَ، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَلَفْظُ النَّسَائِيّ2 فِي الْقَوَدِ إمَّا أَنْ يُقَادَ، وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ3: إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فيالمعرفة: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ وَقَعَ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْمُوَافِقُ مِنْهَا بِحَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ أَوْلَى، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ4 عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا إنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَإِنِّي عَاقِلَتُهُ، فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ أَوْ يَقْتُلُوا"، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: ثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعْت أَبَا شُرَيْحٍ، فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ ابن ماجه، أبو دَاوُد أَيْضًا5 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ، أَوْ خَبْلٍ، وَالْخَبْلُ: الْجُرْحُ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إحْدَى ثَلَاثٍ: أَنْ يَقْتُلَ، أَوْ يَعْفُوَ، أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ"، مُخْتَصَرٌ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: حَدِيثُ: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ"، اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ الرُّوَاةِ فِيهِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَلْفَاظٍ: أَحَدُهَا: إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ، الثَّانِي: إمَّا أَنْ يَعْقِلَ أَوْ يُقَادَ، الثَّالِثُ: إمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، الرَّابِعُ: إمَّا أَنْ يُعْطَى الدِّيَةَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ، الْخَامِسُ: إمَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَقْتُلَ، السَّادِسُ: يَقْتُلُ أَوْ يُفَادَى، السَّابِعُ: مَنْ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، الثَّامِنُ: إنْ شَاءَ فَلَهُ دَمُهُ، وَإِنْ شَاءَ فَعَقْلُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ، وَهُوَ الْمُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَ، وَقَدْ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِظَاهِرِهِ، وَقَالَ: لَوْ اخْتَارَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الدِّيَةَ، وَأَبَى الْقَاتِلُ إلَّا الْقِصَاصَ، أُجْبِرَ الْقَاتِلُ عَلَى الدية. ولاخيار لَهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْبَرُ، وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ، قَالَ: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ مِنْ الْإِجْمَالِ فِي قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} فَاحْتَمَلَتْ الْآيَةُ عِنْدَ قَوْمٍ أَنْ يَكُونَ {مَنْ} وَاقِعَةً عَلَى الْقَاتِلِ، وَ {عُفِيَ} مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُتَّبِعَ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ وَلِيُّ الدَّمِ، وَأَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْأَدَاءِ بِإِحْسَانٍ هُوَ الْقَاتِلُ، وَإِذَا تَدَبَّرْت الْآيَةَ عَرَفْت مَنْشَأَ الْخِلَافِ، وَلَاحَ لَك مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَيُّ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.