وَأَمَّا حديث أم أَيْمَنَ: فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَزَلَ بِجَابِرٍ ضيف، فجاءه بِخُبْزٍ وَخَلٍّ، فَقَالَ: كُلُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ، هَلَاكٌ بِالْقَوْمِ أَنْ يَحْتَقِرُوا مَا قُدِّمَ إلَيْهِمْ، وَهَلَاكٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يَحْتَقِرَ مَا فِي بَيْتِهِ، يُقَدِّمُهُ لِأَصْحَابِهِ"، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ1 عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ لَهَا شَاةٌ تَحْتَلِبُهَا، فَفَقَدَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا فَعَلَتْ الشَّاةُ"؟ قَالُوا: مَاتَتْ، قَالَ: "أَفَلَا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا"؟ فَقُلْنَا: إنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ عليه السلام: "إنَّ دِبَاغَهَا يُحِلُّهُ، كَمَا يُحِلُّ خَلٌ الْخَمْرَ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَحَادِيثَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: خَيْرُ خَلِّكُمْ، خَلُّ خَمْرِكُمْ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "خَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ" تَفَرَّدَ بِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ خَلَّ الْعِنَبِ خَلَّ الْخَمْرِ، قَالَ: وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَيْضًا حَدِيثُ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَنْعِ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ أَيُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ: "لَا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ: "أَهْرِقْهَا"، قَالَ: فَلَا نَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: "لَا"، انْتَهَى. قَالُوا: فلو كان التخلل جَائِزًا لَكَانَ فِيهِ تَضْيِيعُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَلَوَجَبَ فِيهِ الضَّمَانُ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَرَاقُوهَا حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَّحْرِيمِ، كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ، فَلَوْ جَازَ التَّخْلِيلُ لَنَبَّهَ عليه السلام، كَمَا نَبَّهَ أَهْلَ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ عَلَى دِبَاغِهَا، وَأَجَابَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي سُؤْرِ الْكَلْبِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْأَمْرُ بِكَسْرِ الدنان، وتقطيع الزقاق، ررواه الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا مُعْتَمِرٌ ثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي اشْتَرَيْت خَمْرًا لِأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي، فَقَالَ: "أَهْرِقْ الْخَمْرَ، وَكَسِّرْ الدِّنَانَ"، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَقَّ زِقَاقَ