رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الدباء، والختم، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ1: وَهَمَ أَبُو الْأَحْوَصِ فَقَالَ: عَنْ سِمَاكٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، فَقَلَبَ مِنْ الْإِسْنَادِ مَوْضِعًا، وَصَحَّفَ مَوْضِعًا، أَمَّا الْقَلْبُ، فَقَوْلُهُ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، أَرَادَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، ثُمَّ احْتَاجَ أَنْ يَقُولَ: ابْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَقَلَبَ الْإِسْنَادَ بِأَسْرِهِ، وَأَفْحَشُ مِنْ ذَلِكَ تَصْحِيفُهُ لِمَتْنِهِ: اشْرَبُوا فِي الظُّرُوفِ وَلَا تَسْكَرُوا، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ سُبَيْعٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كَهَيْلٍ، كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ، فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا"، وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ: وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: وَلَا تَسْكَرُوا، فَقَدْ بَانَ وَهْمُ أَبِي الْأَحْوَصِ، مِنْ اتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ عَلَى خِلَافِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ خَطَأُ الْإِسْنَادِ، وَالْكَلَامِ، أَمَّا الْإِسْنَادُ، فَإِنَّ شَرِيكًا، وَأَيُّوبَ، وَمُحَمَّدًا ابْنَيْ جَابِرٍ رَوَوْهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا رَوَاهُ النَّاسُ: "انْتَبِذُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا"، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَكَذَلِكَ أَقُولُ: هَذَا خَطَأٌ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، انْتَهَى.
وَبِحَدِيثٍ آخَرَ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ بَهْرَامَ ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدَنَا شَرَابًا لَنَا، أَفَلَا نَسْقِيك مِنْهُ؟ قَالَ: "بَلَى"، فَأُتِيَ بعقب، أَوْ قَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، فَلَمَّا أَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَرَّبَهُ إلَى فِيهِ، قَطَّبَ، ثُمَّ دَعَا الَّذِي جَاءَ بِهِ، فَقَالَ: "خُذْهُ فَأَهْرِقْهُ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا شَرَابُنَا، إنْ كَانَ حَرَامًا لَمْ نَشْرَبْهُ، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، وَسَقَى، وَقَالَ: "إذَا كَانَ هَكَذَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: تَفَرَّدَ بِهِ الْقَاسِمُ بْنُ بَهْرَامَ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ عليه السلام فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَوْعِيَةِ: "فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ ظَرْفٍ، فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ، وَلَا تَشْرَبُوا الْمُسْكِرَ"، وَقَالَهُ بَعْدَ مَا أَخْبَرَ عَنْ النَّهْيِ عَنْهُ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ2 إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ