نصب الرايه (صفحة 186)

مِنْهُ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ مَرَّتَيْنِ: فَفِي أَوَّلِ مَرَّةٍ خَرَجَ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَا غَيْرُهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مُسْلِمٍ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ في تفسيره من أَوَّلِ سُورَةِ الْجِنِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ بِنَخْلَةٍ، فَمِنْ نِينَوَى، وَأَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ بمكة فمن نَصِيبِينَ، وَتَأَوَّلَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ، قَالَ: إنَّهُ يَقُولُ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، عَلَى غَيْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِهِ عليه السلام إلَى الْجِنِّ، قَالَ: وَهُوَ مُحْتَمِلٌ عَلَى بُعْدٍ، قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِدَاوَةٍ لِوُضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَأَدْرَكَهُ يَوْمًا، فَقَالَ: " مَنْ هَذَا؟ " قَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: "ائْتِنِي بِأَحْجَارٍ أَسْتَنْجِي بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثَةٍ"، فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ فِي ثَوْبِي فَوَضَعْتُهَا إلَى جَنْبِهِ، حَتَّى إذَا فَرَغَ وَقَامَ اتَّبَعْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ، قَالَ: "أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلَا عَظْمٍ إلَّا وَجَدُوا طَعَامًا"، انْتَهَى. قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ وَفَدُوا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى وِفَادَتِهِمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ2 ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد المصيصي ثنا أبو معاوية الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ ثَنَا معاوية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015