نصب الرايه (صفحة 1850)

قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئًا إلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً، انْتَهَى. وَلَمْ يُخْرِجْ مُسْلِمٌ لِعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ شَيْئًا، وَفِي سِيرَةِ ابْنِ إسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْكَبُ بَغْلَتَهُ الدُّلْدُلَ فِي أَسْفَارِهِ، وَعَاشَتْ بَعْدَهُ حَتَّى كَبِرَتْ، وَزَالَتْ أَسْنَانُهَا، وَكَانَ يُجِشُّ لَهَا الشَّعِيرَ، وَمَاتَتْ بِالْبَقِيعِ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ1 فِي الْجِهَادِ أَيْضًا عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُ أَنَا، وَأَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ الْجُذَامِيُّ، فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ، وَالْكُفَّارُ، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ، قِبَلَ الْكُفَّارِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ عليه السلام، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِرِكَابِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ"، ثُمَّ أَخَذَ عليه السلام بِيَدِهِ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: "انْهَزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ"، قَالَ: فَمَا هُوَ إلَّا أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى أَمْرَهُمْ مُدْبِرًا حَتَّى هَزَمَهُمْ اللَّهُ، قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَرْكُضُ خَلْفَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ، مُخْتَصَرٌ، وَأَخْرَجَ فِي الْفَضَائِلِ2 عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: لَقَدْ قُدْتُ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ، حَتَّى أَدْخَلْتُهُمْ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا قُدَّامَهُ، وَهَذَا خَلْفَهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ فِي آخِرِ التَّوْبَةِ قُبَيْلَ الْفِتَنِ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ، وَنَحْنُ مَعَهُ، فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: وَقَالَ: "نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"، مُخْتَصَرٌ.

الْحَدِيثُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه السلام عَادَ يَهُودِيًّا بِجِوَارِهِ، قُلْتُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ4 فِي الْجَنَائِزِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَخْدِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أَسْلِمْ"، فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْجَنَائِزِ، أَيْضًا. وَزَادَ: فَلَمَّا مَاتَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي الْجَنَائِزِ وَفِي الطِّبِّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَفْظُهُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015