نصب الرايه (صفحة 1773)

وَالرُّخْصَةُ تَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الْمَنْعِ، وَلَوْ لَمْ يَرِدْ هَذَا اللَّفْظُ لَتَعَذَّرَ الْقَطْعُ بِالنَّسْخِ، لِعَدَمِ التَّارِيخِ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا، فَأَكَلْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ، ثُمَّ نَقَلَ الْحَازِمِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ نَسْخٌ، وَلَكِنْ الِاعْتِمَادُ عَلَى أَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ لِصِحَّتِهَا، وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهَا، قَالُوا: وَحَدِيثُ خَالِدٍ إنَّمَا وَرَدَ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهُوَ أَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ فِي الْخَيْلِ، وَفِي الْبِغَالِ، وَالْحَمِيرُ مُخْتَلِفٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ لِذَاتِهَا، وَعَنْ الْخَيْلِ لِأَنَّهُمْ سَارَعُوا فِي طَبْخِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ، فَأَمَرَ عليه السلام بِإِكْفَائِهَا، تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا نَهْيَهُ عليه السلام من تَنَاوُلِ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ اعْتَقَدُوا أَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ وَاحِدٌ، حَتَّى نَادَى مُنَادِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الله تعالى ورسوله ينهاكم عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ، فَحِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ مُخْتَلِفٌ، وَأَنَّ الْحُكْمَ بِتَحْرِيمِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَأَنَّ الْخَيْلَ إنَّمَا كَانَ نَهْيًا عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُخَمَّسْ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَذِنَ، وَرَخَّصَ، دَفْعًا لِهَذِهِ الشُّبْهَةِ، إلَّا أَنَّهُ رَافِعٌ لِحُكْمٍ أَوَّلَ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد، أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْرَعُوا إلَى حَظَائِرِهِمْ، الْحَدِيثَ.

الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أَكَلَ مِنْ الْأَرْنَبِ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ مَشْوِيًّا، وَأَمْرَ أَصْحَابَهُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ، قُلْت: كَأَنَّهُمَا حَدِيثَانِ: فَالْأَوَّلُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ1 فِي كِتَابِ الْهِبَةِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتهَا، فَأَخَذْتهَا، فَأَتَيْت بِهَا أَبَا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ بِوَرِكِهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ: فَخِذَيْهَا، فَقَبِلَهُ، قُلْت: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: وَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَجَّاجٌ، قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، بِلَفْظِهِ سَوَاءٌ، وَفِي آخِرِهِ: قَالَ حَجَّاجٌ: قَالَ شُعْبَةٌ: فَقُلْت لَهُ: أَكَلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ أَكَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدُ: قَبِلَهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الذَّبَائِحِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْأَكْلَ، وَلَا ذَكَرَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ2 فِي الصَّوْمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ بِأَرْنَبٍ قَدْ شَوَاهَا، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَأْكُلْ، وَأَمَرَ الْقَوْمَ أَنْ يَأْكُلُوا، وَزَادَ فِي لَفْظٍ: وَقَالَ: "فَإِنِّي لَوْ اشْتَهَيْتهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015