أَنَّ غُلَامًا وَقَعَ فِي زَمْزَمَ، فَنُزِحَتْ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ1، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ2 وَاعْتَمَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي تَضْعِيفِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِأَثَرٍ رَوَاهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْفَقِيهِ عَنْ عَبْدِ بْنِ شَرْوَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: أن بِمَكَّةَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ أَرَ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا يَعْرِفُ حَدِيثَ الزِّنْجِيِّ الَّذِي قَالُوا: إنَّهُ وَقَعَ فِي زَمْزَمَ، وَلَا سَمِعْت أَحَدًا يَقُولُ: نُزِحَتْ زَمْزَمُ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْرَفُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَيْفَ يَرْوِي3 ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 4، وَيَتْرُكُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فَلِنَجَاسَةٍ ظَهَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَنَزْحُهَا لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلنَّجَاسَةِ، فَإِنَّ زَمْزَمَ لِلشُّرْبِ، انْتَهَى. وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: بِأَنَّ عدم علمها لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا، ثُمَّ إنَّهُمَا لَمْ يُدْرِكَا ذَلِكَ الْوَقْتَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ إخْبَارُ مَنْ أَدْرَكَ الْوَاقِعَةَ وَأَثْبَتَهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمَا، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ أَيْضًا: كَيْفَ يَصِلُ5 هَذَا الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَيَجْهَلُهُ أَهْلُ مَكَّةَ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ كَبِيرُ أَهْلِ مَكَّةَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَحْمَدَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِالْأَخْبَارِ الصِّحَاحِ منَّا، فإذا كان الخبر صَحِيحٌ فَأَعْلِمُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إلَيْهِ كُوفِيًّا كَانَ أَوْ بَصْرِيًّا أَوْ شَامِيًّا، فَهَلَّا قَالَ: كَيْفَ يَصِلُ هَذَا إلَى أُولَئِكَ، وَيَجْهَلُهُ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ؟