نصب الرايه (صفحة 1693)

يَعْنِي فَاتِحَةَ الْكِتَابِ حَتَّى بَرَأَ، فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَقَامَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، فَوَفُّوهُمْ جُعْلَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْتَسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يأمرنا له، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: "أَصَبْتُمْ، اقْتَسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1 فِي كِتَابِ الطِّبِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ، أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا، أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، عَلَى شَاءٍ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إلَى الصَّحَابَةِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَخَذْت عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا! حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ"، انْتَهَى. وَوَهَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ فَعَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبُخَارِيِّ، نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ أَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ: أَحَدِهَا: أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا كُفَّارًا، فَجَازَ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَالثَّانِي أَنَّ حَقَّ الضَّيْفِ وَاجِبٌ، وَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ الرُّقْيَةَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ مَحْضَةٍ، فَجَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا، انْتَهَى. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ جَوَازَ الْأَجْرِ فِي الرُّقَى، يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ، وَالْحَدِيثُ إنَّمَا هُوَ فِي الرُّقْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: وَفِي آخِرِ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ: "وَإِنْ اُتُّخِذْت مُؤَذِّنًا فَلَا تَأْخُذْ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ2 بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ: " أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذْ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ3 عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: إنَّ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015