حَدِيثٌ آخَرُ، مُرْسَلٌ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ1 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ رُطَبٍ بِتَمْرٍ، فَقَالَ: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "لَا يُبَاعُ رُطَبٌ بِيَابِسٍ"، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرُّطَبَ تَمْرٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام حِينَ أَهْدَى لَهُ عَامِلُ خَيْبَرَ رُطَبًا: "أَوَ كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا"؟،
قُلْت: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ2 عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ " قَالَ: لَا وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنْ الْجَمْعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ، بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرَوْا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا، وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ"، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَفْعَلُ، بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ3، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا"، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ احْتَجَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، بِنَاءً عَلَى تَسْمِيَتِهِ فِي الْحَدِيثِ تَمْرًا، وَقَدْ كَشَفْتُ طُرُقَ الْحَدِيثِ، وَأَلْفَاظَهُ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ ذِكْرَ الرُّطَبِ، وَالْبُخَارِيُّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ4 فِي الْبُيُوعِ، وَفِي الْوَكَالَةِ، وَفِي الْمَغَازِي، وَفِي الِاعْتِصَامِ، وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الرُّطَبَ إنْ كَانَ تَمْرًا جَازَ الْبَيْعُ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَمْرٍ فَبِآخِرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام: " إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ"، قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمُتَقَدِّمِ، أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ عُبَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: