نصب الرايه (صفحة 1280)

دَخَلْت عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، إلَى آخِرِ لَفْظِ أُمِّ حَبِيبَةَ سَوَاءٌ.

وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 1 عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجِهَا"، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَكِنَّ الصَّرِيحَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ عليه السلام: "لَا"، مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا، ثُمَّ قَالَ: "إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ"، مُخْتَصَرٌ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَلَا، حَتَّى يَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، وَهَذَا ظَاهِرُهُ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهِ، وَرُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ فِي طُهْرِهَا نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْوُجُوبِ أَيْضًا.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى الْمُعْتَدَّةَ أَنْ تَخْتَضِبَ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ: "الْحِنَّاءُ طِيبٌ"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "جِنَايَاتِ الْحَجِّ"، حَدِيثُ الْحِنَّاءُ طِيبٌ، وَحَدِيثُ نَهْيِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ الْحِنَّاءِ، أَخَرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ"3 عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أَسِيد عَنْ أُمِّهَا عَنْ مَوْلَاةٍ لَهَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا فِي عِدَّتِي مِنْ وَفَاةِ أَبِي سَلَمَةَ: "لَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ، وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ"، قُلْت: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: " بِالسِّدْرِ، تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ"، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، وَقَالَ: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ إسْنَادٌ يُعْرَفُ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ حَدِيثَانِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، كَمَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ فِي "الْغَايَةِ"، وَعَزَاهُ لِلنَّسَائِيِّ، وَلَفْظُهُ: نَهَى الْمُعْتَدَّةَ عَنْ الْكُحْلِ وَالدُّهْنِ وَالْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ: الْحِنَّاءُ طِيبٌ، انْتَهَى. وَهُوَ وَهَمٌ مِنْهُ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ، كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ، كَمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ حَدِيثًا وَاحِدًا، وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد هَذَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ مُطَابِقٌ، إلا أني ما وحدته.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي الِاكْتِحَالِ وَالدُّهْنِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015