فَصْلٌ
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "إلَّا مَنْ أَرْبَى، فَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْدٌ"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ - فِي بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ نَجْرَانَ" حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ثنا مجالد ين سَعِيدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَى أَهْلِ نَجْرَانَ - وَهُمْ نَصَارَى - أَنَّ مَنْ بَايَعَ مِنْكُمْ بِالرِّبَا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ، انْتَهَى. وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ"1 حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا سَعْدَانُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ، فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا: "بسم الله الرحمن الرحيم، هَذَا مَا كَتَبَ مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ - إذْ كَانَ لَهُ حُكْمُهُ عَلَيْهِمْ - أَنَّ فِي كُلِّ سَوْدَاءَ، وَصَفْرَاءَ، وَبَيْضَاءَ، وَحَمْرَاءَ، وَثَمَرَةٍ، وَرَقِيقٍ أَلْفَيْ حُلَّةٍ، فِي كُلِّ صَفَرٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، وَفِي كُلِّ رَجَبٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، عَلَى أَنْ لَا يُحْشَرُوا، وَلَا يُعْشَرُوا، وَلَا يَأْكُلُوا الرِّبَا، فَمَنْ أَكَلَ مِنْهُمْ الرِّبَا فَذِمَّتِي مِنْهُ بَرِيئَةٌ"، مُخْتَصَرٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا غَلَّظَ عَلَيْهِمْ أَكْلَ الرِّبَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَعَاصِي، مَعَ أَنَّهُمْ يُمَكَّنُونَ مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، كَالشِّرْكِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّ فِي مَنْعِهِمْ مِنْهُ كَفَّ الْمُسْلِمِينَ عَنْ أَكْلِ الرِّبَا، ولولا المسلمين لَكَانُوا فِي الرِّبَا كَسَائِرِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْمَعَاصِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.