بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا، بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: اُكْتُبْ: هَذَا مَا قَضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَصَّ الْخَبَرَ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيك مِنَّا رَجُلٌ، - وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِك - إلَّا رَدَدْته إلَيْنَا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ، قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لِأَصْحَابِهِ: "قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا"، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "الْحَجِّ": وَالْحُدَيْبِيَةُ خَارِجُ الْحَرَمِ1، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "الشَّهَادَاتِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْقَابِلَ، وَسَيَأْتِي فِي "باب الإِحصار". إن شاء الله تعالى.
فَصْلٌ
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: وَاسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمْسَ الْفَوَاسِقَ، وَهِيَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالذِّئْبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، قلت: اعلم أن ههنا حَدِيثَيْنِ: حَدِيثًا فِي جَوَازِ قَتْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْمُحْرِمِ، وَحَدِيثًا فِي جَوَازِ قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ، فَهُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ، لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ، جَوَازُ قَتْلِ الْحَلَالِ لَهَا فِي الْحَرَمِ، وَلَا مِنْ جَوَازِ قَتْلِ الْحَلَالِ لَهَا خَارِجَ الْحَرَمِ، جَوَازُ قَتْلِ الْمُحْرِمِ لَهَا، فَثَبَتَ أَنَّهُمَا حُكْمَانِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، وَسَيَأْتِي الْحُكْمُ الْآخَرُ فِي "الْحَدِيثِ الْحَادِي عَشَرَ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 2 عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: خَمْسٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، فَذَكَرَهُمَا، فَدَلَّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ، لِأَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ وَهَمَ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ بِأَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْحُكْمِ الْآخَرِ، بَلْ فِي أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَنْ بَوَّبَ عَلَى أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ، فَسَاقَ أَحَادِيثَ الْحُكْمِ الْآخَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَاقَ أَحَادِيثَ الْحُكْمَيْنِ، وَالْبَابُ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ غير مرضي لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 3 عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: