أَحَادِيثُ الْقَائِلِينَ بِأَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ: وَلِأَحْمَدَ، وَمَالِكٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 1 عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلُلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" 2 عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: اخْتَلَفَ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا تُرِيدُ إلَى أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: دَعْنَا عَنْك، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ لِمَنْ قَالَ بِالتَّمَتُّعِ، وإنما هُوَ لِمَنْ قَالَ بِالْقِرَانِ، فَإِنَّ عَلِيًّا أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، وَالتَّمَتُّعُ فِي عُرْفِ الصَّحَابَةِ يَدْخُلُ فِيهِ الْقِرَانُ، قَالَ: وَيَدْخُلُ فِيهِ التَّمَتُّعُ الْخَاصُّ، وَلَمْ يَحُجَّ النَّبِيُّ عليه السلام مُتَمَتِّعًا التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، بَلْ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، الرَّابِعَةُ كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِقَوْلِهِ: " لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْت"، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ الْحَجِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ، وَإِنَّمَا اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ عَائِشَةُ وَحْدَهَا، فَتَحَصَّلَ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، وَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعُ أَحَادِيثُ الْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 3 عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ ذَكَرَ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَالَ: قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ 4 عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ، وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ، وَعُمَرُ حَتَّى مَاتَ، وَعُثْمَانُ حَتَّى مَاتَ، رضي الله عنهم، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَعَجِبْت مِنْهُ، وَقَدْ حَدَّثَنِي أَنَّهُ قَصَّرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ، انْتَهَى. وَلَيْثٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَفِيهِ مَقَالٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ شَاهِدَةٍ