الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام دَفَعَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ: أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ 1 - إلَّا مُسْلِمًا - عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: شَهِدْت عُمَرَ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ، ثُمَّ وَقَفَ، فَقَالَ: إنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرَقَ ثَبِيرٌ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ، ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ 2: كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ: تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، الْحَدِيثَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"3 ثَنَا أَبُو دَاوُد ثَنَا زَمْعَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ بِجَمْعٍ، فَلَمَّا أَضَاءَ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَفَاضَ، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَزَمْعَةُ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: صُوَيْلِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكٌ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّ حَدِيثَهُ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِهِ، انْتَهَى. وَبِهَذَا الْحَدِيثِ اسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رحمه الله فِي "التَّحْقِيقِ" لِأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّ الدَّفْعَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَاسْتَدَلَّ لِأَحْمَدَ فِي جَوَازِهِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي الرَّابِعِ وَالْخَمْسِينَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ الْجَمْرَةَ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الدَّفْعِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ حَالِ الدَّفْعُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفِيضُ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ".