مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ يَتَطَيَّبُ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَحُ طِيبًا، لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إلَيَّ مَنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَدَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ، وَأَخْبَرْتهَا بِقَوْلِهِ، فَقَالَتْ: أَنَا طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا 1: قَالَتْ: كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا، يَنْضَحُ طِيبًا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ" عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْهَا، قَالَتْ: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَكَّةَ، فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا، فَيَرَاهُ النَّبِيُّ عليه السلام، فَلَا يَنْهَانَا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ 2 عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام: "أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِك فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك"، زَادَ الْبُخَارِيُّ 3 فِي لَفْظٍ مُعَلَّقٍ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الْإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا 4 وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ، فَقَالَ لَهُ: اغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: اغْسِلْ عَنْك الصُّفْرَةَ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ5: اغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ، وَأَثَرَ الصُّفْرَةِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ" بَعْدَ ذِكْرِهِ حَدِيثَ أَبِي دَاوُد الْمُتَقَدِّمَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِطِيبٍ يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَلَا يَضُرُّهُ بَقَاؤُهُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَهُ بِقَوْلِهِ عليه السلام: "اغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ"، وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ زَعْفَرَانٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، وَقَدْ نَهَى الرَّجُلَ عَنْ التَّزَعْفُرِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ خَوَاصِّهِ عليه السلام، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ رُئِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ 6 مُحْرِمًا وَعَلَى رَأْسِهِ مِثْلُ الرُّبِّ مِنْ الْغَالِيَةِ، وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ: رَأَيْت ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَفِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ مِنْ الطِّيبِ مَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ أَعَدَّ مِنْهُ رَأْسَ مَالٍ، انْتَهَى. قُلْت: رِوَايَةُ الزَّعْفَرَانِ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي "مُسْنَدِهِ" 7 رَوَى حَدِيثَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ دَعَاهُ عليه السلام،