ومنه:
إن أغفلوا العهد وآياته ... فان شمراً ليس بالغافل
وصار سلطان الفرس بلاس تحت يده، وذلك أن جموع بني يافث اجتمعت لقباذ بن شههريار، فلم تكن له طاقة بشمر. وبلغ شمر إلى الغاية القصوى من النصر، وتحصن منه قباذ ملك الفرس بجبل، وقال لابنه بلاس: اقتلني فاني ميت على يد تبع، فقال له ابنه: لا تطاوعني يدي على ذلك. قال: إن أنت لم تفعل قتلت أنا وإخوتك وقومك، وطلب من بقي من فارس فلا يبقى منهم أحد. ولكن الرأي أن تقتلني فتتقرب بذلك إليه، وأحمل له رأسي، وخذ أماناً لك ولاخوتك، ودار عن فارس ما أمكنه.
فاتفقا على أن فصده في الأكحل حتى مات، وحمل رأسه إلى شمر، وقال له: أيها الملك، هذا سبيل من عصاك، فكيف سبيل من أطاعك وسعى في رضاك؟ فقال له شمر: قتلت يا بلاس أباك في رضاي فلك رضاي، فقال بلاس: أيها الملك، لم يرد أبي هلاكي ولكن أراد بقائي. ثم مت إليه بجهة القرابة في سام، فملكه على فارس، وصار في طاعته، وجعله مقدمة على أعدائه، فقال: أيها الملك، إن لم أقاتلهم بالسهام الفارسية والسيوف الكرمانية والنصال الهندية لم أوف لك. فسار بين يديه، فقتل الصغد والزط والخزر، فهم أقل بني يافث اليوم وكانوا أكثرهم. وكان