قال عروة: فسكت، حتى إذا نوم الناس وثبت فصحت بالإبل، فاقتطعت نصفها ومضيت، ورجوت ألا يتبعي الغلام _ وهو حين بدا شاربه _ فلم أشعر إلا به! قال: فتواخذنا فضرب بي الأرض، فتخوفته على روحي، فبادرته وقلت: أنا عروة بن الورد! فارتدع؛ ثم قال: ويلك لست أشك أنك قد سمعت ما كان من أمي؛ قال: فقلت له: ما قلت لك إلا ما يظهر برهانه، فاذهب معي أنت وأمك وهذه الإبل، ودع الشيخ! فقال: الذي بقي من عمره القليل، وأنا مقيم عنده ما بقي فإن له حقاً وذماماً، فإذا مضى فما أسرعني إليك! وخذ من هذه الإبل بعيراً؛ قال: فقلت: ما يكفيني فإن معي أصحاباً، قال: فثان، قلت: لا، قال: فثالث والله لازدتك على ذلك شيئاً! فأخذتها ومضيت إلى أصحابي. قال: ثم إن الغلام لحق بي بعد هلاك الشيخ".
ومن شعر عروة قوله:
وخل كنت عين الرشد منه ... إذا نظرت ومستمعاً سميعا
أطاف بغيه فنهيت عنها ... وقلت له: أرى أمراً فظيعا