وعندما ولي أراد إخراج أخيه من الحرم، فوعظه واستعطفه فلم يفعل، فقال له: علام تخرجني وأنت أخي؟ فقال: الملك ليس معه إخوة، وإن لم أخرجك تخرجني، بذلك يحدثني خاطري؛ فقال: إذ عزمت على هذا فأمهلني قليلاً حتى أرحل بمن معي؛ فقال: ما أجد في خاطري أن في مهلتك ما يعود علي بخير، [ومع] ذلك فقد أمهلتك! فمضى نزار، واشتغل بنقله أهله وماله عن الحرم، فلما أبصره أهل مكة على تلك الحال قالوا: كنا نخاف على بني إسماعيل من غيرهم، وأما وقد بدأ هذا الظالم بأن يسلط بعضهم على بعض، ويفتح عليهم باب النفي والخلاف لا نتركه لذلك. قال: فما تصنعون؟ قالوا: نجعلك تقيم على رغمه. فقال: إذاً أذوق مرارة العيش من ملك من لا يريدني، ومجاورة من يقدر علي ولا أقدر عليه. فقالوا: فإن كان لك قلب يصبر على إخراجه أخرجناه؛ قال: لم يكن لي قلب يصبر على ذلك، ولكن قد قساه عليه وسهل عليه ما يصعب عقوقه. واتفق رأيهم على إخراجه، فرجعوا إليه وأنذروه بالخروج وإلا قتلوه! قال: قد كنت أعلم ذلك من إمهال نزار، وأنا خارج عنكم! فخرج بأهله وماله إلى أرياف العراق، ونزلوا بجهات الحيرة، وصادفوا وقت غلبة الإسكندر على سلطنة الفرس وتفرقها على ملوك الطوائف، فعاثوا هنالك وكثروا، واجتمعت إليهم أخلاط العرب، إلى أن كبر سابور [ذو] الأكتاف، فوضع فيهم السيف وأفناهم، فكان من بقاياهم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015