ومن نثر الدر: جاء وفد من اليمن، فقالوا: يا رسول الله، لقد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس؛ قال: وما ذاك؟ قالوا: أقبلنا نريدك، حتى إذا كنا بموضع كذا وكذا أخطأنا الماء، فمكثنا ثلاثا لا نقدر عليه، وانتهينا إلى موضع طلح وسمر، فانطلق كل رجال إلى أصل شجرة ليموت في ظلها. فبينا نحن في آمر رمق إذا راكب قد أقبل، فلما رآه بعضنا تمثل:

ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دام

تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طام

فقال الراكب: من يقول هذا الشعر؟ فقال بعضنا: امرؤ القيس؛ قال: وهذه والله ضارج عندكم وقد رأى ما بنا من الجهد. فزحفنا إليها، فإذا بيننا وبينها نحو خمسين ذراعاً، وإذا هي كما وصف امرؤ القيس، فشربنا وعشنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك رجل مشهور في الدنيا، خامل في الآخرة، يجيء يوم القيامة ومعه لواء الشعراء يقودهم إلى النار".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015