إذ حثثنا جيادنا من ظفار ... ثم سرنا بها مسيراً بعيدا"
ابنه حسان بن أسعد
ذكر المؤرخون وصاحب التيجان أن حمير اجتمعت على حسان بعدما اتفقوا معه على قتل أبيه، فلم يفعل - كما تقدم - واضطروا إلى تقديمه، فأسر في نفسه الفتك بهم. واتفقت في صدر دولته كائنة طسم وجديس باليمامة. وقد تقدم ذلك في تاريخ العرب المبلبلة.
قالوا: ثم رجع حسان من اليمامة بعدما غزا جديساً، وعزم على أن يطيل مغاره، ويطأ أرض العجم والعرب على عادة التبابعة. فتبرمت حمير من معاودة المسير معه، وتشاورت فيما بينها، ولم يخف عنهم أنه يريد إهلاكهم ويتتبع قتلة أبيه، وقد بان لهم ذلك في كيده وسياسته.
فجاءوا إلى أخيه عمرو بن أسعد، وتشاوروا معه في قتله، وقالوا: نحن لا غرض لنا في إخراج الملك عنكم، ولكن نسعى إلى حقن دمائنا، ونطلب حسن سياستنا. فكلهم اتفق على ذلك غير رجل من ذي الكلاع، يقال له: ذو رعين، فإنه حذر عمراً سوء العاقبة، وقال له: إن فعلت ذلك منعت من النوم! فحمله حب الملك على رفض النصيحة، فقال له ذو رعين: أما وقد أبيت إلا ما حملك قومك عليه، فخذ إليك هذه الرقعة، فإذا رأيت أن رأي قومك كان خطأ ففكها وأبصر ما فيها.