فلما دخلت، كلّمني بالعربيّة، بلسان طلق ذلق، وقال: كيف أنت من قشف «1» بلادنا؟

فشكرت إنعامه، وقرّظت بلاده، وذكرت له أنّي في ريف «2» من تفقّده، وبرّه.

فباسطني، وطاولني «3» ، واستطاب حديثي، وأفضت معه في فنون من الأمور، حتى تكامل انبساطه إليّ.

وتأمّلت أمره كله، فإذا رجل عراقيّ، متأدّب.

فسقاني من شراب بين يديه [87] ، أصفر، في قدح، في صينيّة، وقال: اشرب هذا، وقل لي، هل عندكم مثله؟

فقبّلت يده، وقبّلت القدح، وشربته، وقلت: هذا، في نهاية الطيب والحسن والجودة.

فقال: أصدقني، هل عندكم مثله؟

فوصفت له الشراب القطربّلي، وذكرت منافعه، وفضائله، وطيبه، وزدت في الوصف، وبسطته، فرأيت في عينه، استبعادا لقولي.

فقلت له: إنّي كنت استصحبت منه شيئا في طريقي، وقد فضل منه فضلة، لا أرضاها لحضرة الملك، ولكن إن أمر بإحضارها، ليعتبر بها صحّة ما ذكرته له، أحضرتها.

فقال: افعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015