واصبحت بعد أيّام، وهي عندي، وليس معي ما أجذرها «1» به في يومي ذلك، وأنا قلق من انصرافها، ولا حيلة لي في إسلامها، حتى جاءني غلامي، فقال لي: إنّ صاحب جرزان على الباب.

فتثاقلت به، وقلت: لم يبق شيء أتوقّعه منه، وقد كتبت كتبه، وأنا متشاغل بحيلة ما أجذر هذه اليوم، فاحجبه عني.

قال: فخرج وعاد وقال: قد أعطاني عشرة دراهم، وسألني إيصاله إليك.

قال: فطمعت فيه، وقلت: إذا أعطى غلامي عشرة دراهم، فالأمر يحتمل أن يصل إليّ، هاته.

قال: فدخل، وأخرج الكتاب، وقال: يا سيّدي، كانت العادة، إذا عنون الكتاب إلى صاحبي، وقيل: لأبي فلان بن فلان، أن يقال بعد ذلك: ملك جرزان، ولم يقل هذا، وفيه عليه غضّ في عمله، فحلق «2» ذلك.

قال: فقلت هذا لا يجوز إلّا بأمر من الوزير، وهذا أمر عظيم، وإذا قيل ذلك فكأنّما قد أزلنا ملك السلطان عن ذلك الصقع، وأخذت أهوّل الأمر، وأفخّمه، بقدر طاقتي.

فقال: يا سيّدي، لا زمان «3» عليّ في مساءلة الوزير، لأنّي أريد الخروج اليوم مع القافلة، فخذ مني ما شئت، واكتب لي.

قال: فزاد طمعي فيه، وقلت: هذا أمر لا يمكن للوزير فعله، إلّا بأمر الخليفة.

قال: فما زلت معه في ألوان، إلى أن دفع لي في الحال، ثلاثمائة دينار عينا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015