حدّثني أبي رضي الله عنه، قال: سمعت القاضي أبا عمر يقول:
قدّم خادم من وجوه خدم المعتضد بالله «1» ، إلى أبي «2» في حكم، فجاء فارتفع في المجلس.
فأمره الحاجب بموازاة خصمه، فلم يفعل إدلالا بعظم محلّه في الدولة.
فصاح أبي عليه، وقال: هاه، تؤمر بموازاة خصمك، فتمتنع؟
يا غلام، عمرو بن أبي عمرو النخّاس «3» الساعة، لأتقدّم إليه ببيع هذا العبد، وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين.
ثم قال لحاجبه: خذ بيده، وساو بينه وبين خصمه.
فأخذ كرها وأجلس مع خصمه.
فلما انقضى الحكم، انصرف الخادم، فحدّث المعتضد بالحديث، وبكى بين يديه.
فصاح عليه المعتضد، وقال: لو باعك لأجزت بيعه، ولما رددتك إلى ملكي أبدا، وليس خصوصك بي، يزيل مرتبة الحكم، فإنّه عمود السلطان، وقوام الأديان.