حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفتح بن جعفر بن محمد بن الفرات «1» ، بعد عوده من مصر والشام، في أيّام الراضي، وتقلّد الوزارة «2» ، قال:
اجتزت في رجوعي هذا، إلى مدينة السلام، بمنبج، فرأيت ضياعا في نهاية العمارة والحسن.
فسألت عنها، فقيل: هي أقطاع البحتري الشاعر وأملاكه.
فقلت: لمن هي اليوم؟
فقيل لي: هي اليوم في يد ابن ابنة ابنه أبي الغوث.
فقلت: هذا نسب طويل، وأمرت الحسن بن ثوابة بقبضها.
فلما كان من الغد، جاءني رجل متكهّل «3» ، في زيّ الجند، وذكر أنّه صاحب الضياع، وقال: يا سيدي، هذه الضياع التي قال جدّي البحتري بسببها:
وما أنا والتقسيط إذ تكتبونه ... ويكتب قبلي جلّة القوم أو بعدي
وأنشدني هذه الأبيات كلّها، وقال: ذاك بكاء لأجل تقسيط يسير، فكيف يكون حالي، إذا قبضت هذه الضياع؟
قال: فتذمّمت أن أكون سبب ذهاب معيشته، فأطلقت له عنها.