وقال أبو الحسين، كاتبه: وأتيت إليه يوما، وقد ماتت والدتي، فعرّفته، فبكى، وقال: ماتت كبيرتي ومربيتي، وهو أكبر منها بأربعين سنة.
ثم قال لغلامة: يا بشر، قم فجئني بعشرين دينارا، فأتاه بها.
فقال: خذها، فاشتر بعشرة دنانير كفنا، وتصدّق بخمسة دنانير على القبر. وأقبل يصرف الخمسة الباقية، فيما يحتاج إليه من تجهيزها.
ثم قال لغلام آخر: امض أنت يا لؤلؤ، إلى فلان صاحبنا، لا يفوتك، يغسلها.
فاستحييت منه، وقلت: يا سيدي، ابعث خلف فلانة، جارة لنا، تغسلها.
قال: يا أبا الحسين، ما تدع عقلك في فرح ولا حزن، كأنّ حرمك ما هي حرمي؟ كيف يدخل عليها من لا تعرفه؟
قلت: نعم، تأذن لي بذلك؟
قال: لا والله، ما يغسلها إلّا فلان.
فقلت: وكيف يغسل رجل امرأة؟
قال: وإنّما أمك امرأة؟ والله لقد أنسيت.
الملح والنوادر للحصري 224