الشائبتين على الأخرى دون نص أي دليل على جواز تقديمه كالوضوء فيجوز اتفاقًا أن يصلي به قبل دخول الوقت ما شاء.
وقال إن الأمر لا يوجه ... إلا لدى تلبس منتبه
منتبه فاعل قال، أي: قال بعض الأصوليين ذو انتباه أي فطنة: أن الأمر وغيره من أقسام التكليف لا يوجه بالبناء للمفعول أي لا يتعلق بالفعل إلزامًا إلا عند التلبس به وإما قبل ذلك فإعلام، وإنما كان لا يتعلق به إلزامًا إلا عند المباشرة له لأنه لا قدرة عليه إلا حينئذ. قال زكرياء أي لأنها القوة المستجمعة لشرائط التأثير فلا يكون إلا مع المباشرة.
اعلم أن الأصوليين من الأشعرية والمعتزلة متفقون على أن المأمور بالفعل بقصد الامتثال إنما يتعلق به الأمر عند الاستطاعة لكن للمعتزلة أصل وهو أن الفعل لا يكون متعلقًا للقدرة حال حدوثه فالاستطاعة عندهم قبل الفعل لا معه، وأصل الأشعرية أن القدرة الحادثة تقارن المقدور لا تسبقه فالاستطاعة عندهم معه لا قبله لأن القدرة الحادثة عرض، وبقاء العرض محال عندهم، فلو تقدمت على وجود الحادث لعدمت عند وجوده فلا يكون الحادث متعلقًا لها، فلزم على أصل الأشعرية أن الأمر إنما يتعلق بالفعل تعلق إلزام حال حدوثه لا قبله، ولزم على أصل غيرهم تعلقه به قبله لا معه.
فاللوم قبله على التلبس ... بالكف وهي من أدق الأسس
هو جواب عن ما قيل إنه يلزم عدم العصيان بترك ما أمر به إذا قلنا: إن الأمر لا يتوجه إلا عند المباشرة. والجواب أن اللوم قبل التلبس بالفعل مرتب على التلبس بالكف عن الفعل وذلك الكف منهي عنه لأن الأمر بالشيء يفيد النهي عن تركه. واعترض بعضهم هذا التعليل بأن لا يفيد المطلوب وهو أن الكف منهي عنه لأن النهي يتوقف على وجود الأمر وهو متوقف على وجود التعلق الإلزامي وهو هنا منتف فينتفي الأمر فينتفي النهي وهو نقيض المطلوب. ومنعه في الآيات البينات بأن الأمر والنهي واحد عند السبكي، إذ مذهبه أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده،