والمراد أن الأولين قالًا بمجرد التبعية لظن المجتهد من غير أن يكون هناك ما لو حكم الله لكان به والثلاثة زادوا على التبعية لظن المجتهد أن هناك ما لو حكم الله لكان به فقد صرح السبكي في شرح المنهاج بأن حكم الله تعالى عند الثلاثة أيضًا تابع لظن المجتهد فإن قلنا أن الثلاثة لا تقول أن حكم الله تعالى تابع لظن المجتهد كما يفهم منتمام قول السعد وذهب شرذمة من المصوبة إلى أن لله في الواقعة حكمًا واحدًا يتوجه إليه الطلب إذ لابد للطالب من مطلوب لكن لم يكلف المجتهد إصابته فلذلك كان مصيبًا وإن لم يصبه إذ المعنى بالمصيب أنه أدى ما كلف به لكان هذا بعينه مذهب القائلين بتخطئة البعض والضمير في لأنه للحكم واللام زائدة وقوله ثم أي في المسألة وفاعل عين ضمير الله تعالى:

لذا يصوبون في ابتداء ... والاجتهاد دون الانتهاء

والحكم فاعل يصوب للثلاثة القائلين أن هناك ما لو حكم الله لكان به يعني أنهم يصوبون من لم يصادف ذلك الشيء أي يقولون أصاب ابتداء لا انتهاء وبعبارة أخرى أصاب اجتهادًا لا حكمًا فهو مخطئ حكمًا وانتهاء أصاب اجتهادًا لأنه بذل وسعه اللازم في الاجتهاد ليس إلا بذل الوسع لأنه المقدور لا حكمًا لأنه لم يصادف الشيء الذي لو حكم الله لكان به وقولهم ابتداء لأنه بذل وسعه على الوجه المعتبر وهو إنما يبدأ ببذل وسعه ثم تارة يؤديه إلى المطلوب وتارة لا ولم يصب انتهاء لأن اجتهاده لم ينته به إلى مصادفة ذلك الشيء والخطأ في الحكم عند الثلاثة غير الخطأ فيه عند الجمهور لأن الخطأ هنا معناه عدم مصادفة ما لو حكم الله لكان به وإن كان لم يحكم به فعد مخطئًا لعدم مصادفة ما له المناسبة الخاصة وإن لم يحكم به والخطأ عند الجمهور معناه عدم مصادفة ما حكم الله به بعينه في نفس الأمر قاله في الآيات البينات فالحاصل أن عند الجمهور حكمًا معينًا قبل الاجتهاد وعند الثلاثة هناك ما لو حكم الله لكان به ولا حكم معينًا قبل الاجتهاد:

وهو واحد متى عقل ... في الفرع قاطع ولكن قد جهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015