أو عرفية وعارفا بعلم الأصول وبعلم البلاغة من معان وبيان وكلما كمل معرفة واحد من تلك العلوم كان الاجتهاد أتم ولا يقال كيف تشترط معرفة علم الأصول مع أن جمهور المجتهدين كانوا متبحرين في الاجتهاد ولم يكن هذا العلم إذ ذاك مدونا بل يكفي كونه ذا فهم صحيح لأنا نقول ليس المراد معرفته بهذه الاصطلاحات الحادثة بل المراد معرفة ذات قواعده مدونة كانت أم لا عرفها بالطبع أو التعلم وإلا لزم عدم اشتراط العربية وغيرها فإن أكابر الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا في غاية في الاجتهاد ولم تكن إذ ذاك العربية ولا غيرها مدونة وقد تقدم هذا في قولنا أول من آلفه في الكتب الخ:

وموضع الأحكام دون شرط ... حفظ المتون عند أهل الضبط

بنصب موضع بالعطف على النحو يعني أنه يشترط في المجتهد أن يكون عارفا بمواضع الأحكام من المصحف والأحاديث ولا تنحصر آيات الأحكام في خمسمائة آية على الصحيح قال القرافي ولا يشترط حفظ المتون أي ألفاظًا تلك الآيات والأحاديث عند أهل الضبط أي الإتقان وهم أهل الفن وأن كان حفظها أحسن وأكمل بل يكفيه في الأحاديث أن يكون عنده من كتبها ما إذا راجعه فلم يجد فيه ما يدل على حكم الواقعة ظن أنها لا نص فيها ومثله الرافعي بسنن أبي داوود واعترض بأن سنن أبي داوود لم يستوعب الصحيح من أحاديث الأحكام ولا معظمه.

قال المحلى أما علمه بآيات الأحكام وأحاديثها أي مواقعها وأن لم يحفظها فلأنه المستنبط منه وأما علمه بأصول الفقه فلأنه يعرف به كيفية الاستنباط وغيرها مما يحتاج إليه وأما علمه بالباقي فلأنه لا يفهم المراد من المستنبط منه ألا به لأنه عربي بليغ انتهى.

وقال حلولو الخامس كونه عارفًا بالعربية من لغة وصناعة نحو وبلاغة على وجه يتيسر به فهم خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال والتوصل إلى التمييز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله ومجازه وعامه وخاصة وما في معنى ذلك انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015