لكن في الجملة وإن لم توجد تلك الحكمة في كل محل من محال تلك العلة على التفصيل أما التعبدات فيجوز أن تتجرد عن حكم المصالح ودرء المفاسد ثم يقع الثواب عليها بناء على الطاعة والإذعان من غير جلب مصلحة غير مصلحة الثواب وإلا درء مفسدة غير مفسدة العصيان

وربما يعوزنا إطلاع ... لكنه ليس به امتناع

يعني أن كون العلة لا تخلوا عن حكمة في الجملة لا يلزم منه إطلاعنا على كل حكمة لكن عدم إطلاعنا لا يلزم منه منع التعليل بتلك العلة التي لم تظهر حكمتها كتعليل الربويات بالقوت والادخار عندنا وبالطعم عند الشافعية أو بالكيل عند الحنفية أو بالمالية عند الأوزاعي مع أنا لم نطلع على حكمة كل وكالتعليل باللمس وغيره من النواقض وجعل بعضهم حكمته الغفلة عن الله تعالى.

تنبيه: أخذ الكرراني من جواز التعليل بما لا يطلع على حكمته إن الحكمة هي الباعثة للشارع على شرع الحكم لا للمكلف على الامتثال وهو ممنوع إذ لا يلزم من خفاء الحكمتان لا تكون الحكمة هي الباعثة للمكلف بل متى علم المكلف أن أحكام الشرع مقرونة بالحكم وإن لم تتعين تلك الحكم بعثه ذلك على الامتثال في الجملة ونظير ذلك أن من سمع متكلما بغير لسانه وعلم أنه واعظ أثر فيه في الجملة وإن لم يفهم كلامه كما يشهد له الوجدان ولهذا أجاب القاضي الحسين عن سؤال عن فائدة الخطبة بالعربية إذا لم يفهمها القوم بأن كانوا عجما بأن فائدتها العلم بالوعظ من حيث الجملة والعلم بالوعظ كذلك يؤثر في الجملة:

وفي ثبوت الحكم عند الانتفا ... للظن والنفي خلاف عرفا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015