فليست علة على الحقيقة وإنما هي إمارة على الحكم وعلامة هـ واشتراط المناسبة في العلة دون السبب مع ترادفهما عند أهل الحق اصطلاح مخالف لما هم عليه وهذا التعريف مبين لخاصتها فمن عرفها كالسبب فإنها وصف ظاهر منضبط معرف للحكم فقد بين مفهومها قاله المحشي.
والحكم ثابت بها فاتبع) يعني أن حكم الأصل ثابت بالعلة لا بالنص على صحيح مذهب مالك خلافا للحنفية في قولهم بالنص لأنه المفيد للحكم قلنا لم يفده بقيد كون محله أصلا يقاس عليه والكلام في ذلك والمفيد له العلة إذ هي منشأ التعدية المحققة القياس قولنا بقيد كون محله أصلا يقاس عليه معناه أنها تعرف كون الحكم منوطا بها حتى إذا وجدت بمحل آخر ثبت الحكم فيه أيضا والنص يعرف الحكم دون نظر إلى ذلك فليسا معرفين لشيء واحد من جهة واحدة وقد يقال معناه أنه إذا لوحظ النص عرف الحكم ثم إذا لوحظت العلة حصل التفات جديد للحكم ومعرفة كون محله أصلا يقاس عليه فمجموع ذلك الالتفات الجديد للحكم ومعرفة كون محله أصلا يقاس عليه مستفاد من العلة فأفادتها كذلك كون محله أصلا يقاس عليه.
ووصفها بالبعث ما استبينا ... منه سوى بعث المكلفين
يعني أنه وقع في كلام الفقهاء وصف العلة فإنها الباعث على الأحكام أي إظهار تعلقها بأفعال المكلفين أما بالكتابة في اللوح المحفوظ أو بالإلقاء إلى الملك المرسل بالوحي أو بالإيحاء إلى الرسول وقد بين تقي الدين السبكي أن المراد بالبعث بعث المكلفين على الامتثال لأن من شروط العلة أن تكون مشتملة على حكمة مرادة للشارع في شرع الحكم من تحصيل مصلحة للعباد أو تكميلها أو دفع مفسدة عنهم أو تقليلها