ثم خطاب الوضع هو الوارد ... بأن هذا مانع أو فاسد
أو ضده أو أنه قد أوجبا ... شرطا يكون أو يكون سببا
هذا شروع منه في تعريف خطاب الوضع، سمي خطاب الوضع لأن متعلقه الذي هو كون الشيء سببًا مثلًا ثابت بوضع الله تعالى أي جعله، فمعناه أن الله تعالى قال إذا وقع هذا في الوجود فاعلموا أني حكمت بكذا. قال القرافي.
يعني أن خطاب الوضع هو الخطاب النفسي الوارد بكون الشيء مانعًا من شيء آخر كالحيض فإنه مانع من صحة الصلاة أو بكون الشيء فاسدًا أو صحيحًا أو موجبًا لغيره سواء كان الموجب شرطًا أو سببًا فالشرط يلزم من عدمه العدم والسبب يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، فإن في قوله أو أنه بالفتح والضمير يرجع إلى اسم الإشارة والمشار إليه الشيء، ووصف الخطاب النفسي بالورود مجاز والمراد به التعلق بقرينته استحالة الحقيقة والعلاقة اللزوم، فإن من لازم الوارد بالشيء تعلقه به. قاله في الآيات البينات.
والشيء يتناول فعل المخاطب وقوله واعتقاده ولا يشترط في أكثر خطاب الوضع العلم ولا القدرة. وقد يعرض له أمر خارج يوجب اشتراط ذلك ككل سبب هو جناية بالنسبة إلى العقوبة دون الغرم وكذلك كل سبب في نقل الأملاك في المنافع والأعيان يشترط فيه العلم والرضى وكون الصحة والفساد من خطاب الوضع خلاف ما اختاره ابن الحاجب من أن الحكم بهما أمر عقلي. قال الرهوني: وهو الحق. لأنهما صفتان للفعل الحادث وحدوث الموصوف يوجب حدوث الصفة فلا يكونان حكمين شرعيين وإن توافقا على الشرع هـ.
وعد القرافي من خطاب الوضع التقادير الشرعية وهي إعطاء الموجود حكم المعدوم وعكسه كتقدير الأثمان في الذمم والأعيان في السلم في ذمة المسلم إليه، والذمة نفسها هي من جملة المقدرات لأنها معنى شرعي مقدر في المحل قابل للإلزام والالتزام. قال: