المتقدم بطريان الطاري ولولاه لبقي، ومن لم يقل بالبقاء قال: ينعدم بنفسه ثم يحدث الضد الطاري قال في الآيات البينات: ونظيره الخلاف في الحدث هل الوضوء ينتقض به أو ينتهي بنفسه وجه شمول القول الأول للنسخ قبل حضور وقت العمل به وذلك يمنع كون النسخ عبارة عن انتهاء مدة العبادة لأن بيان انتهاء مدة العبادة إنما يكون بعد حصول المدة فقبل حصولها يستحيل بيان انتهائها ..
فإن قيل: يتصور النسخ قبل التمكين على القول الثاني أيضا بأن يقع النسخ بعد دخول الوقت قبل مضي زمن يمكن فيه الفعل فالجواب كما في الآيات البينات أنه على تسليم صدقة بذلك يبقى النسخ قبل دخول الوقت، فكونه رفعا أعم مطلقا من كونه بيانا لانتهاء أمد الحكم كما رأيت وهو التحقيق خلاف ما ذهب إليه بعضهم من أن التعريفين متلازمان لأنه إذا رفع تعلق الحكم فقد بين انتهاؤه وإذا ببين انتهاؤه فقد رفع تعلقه.
قوله بمحكم القرآن الخ المراد بالحكم المتضح المعنى فخرجت الإباحة الأصلية كشربهم الخمر في صدر الإسلام قبل أن يرد في إباحتها نص من تقرير أو غيره كما تقدم في قولنا: وما من البراءة الأصلية الخ، وخرج الرفع بالموت والجنون والغفلة ولا نسخ بالعقل وقول الإمام من سقط رجلاه نسخ غسلهما مدخول أي فيه دخل بفتح فسكون وبالتحريك فإن قيل: أن تفسير النسخ برفع الحكم لا يشمل نسخ بعض القرآن، تلاوة لا حكما إذ ليس رفعا لحكم فلا يكون جامعا فالجواب كما في حواشي العضد للسعد ومثله في الآيات البينات أن النسخ تلاوة فقط معناه نسخ حرفه قراءته على الجنب ومسه على المحدث ونحو ذلك وهذه أحكام فنسخ التلاوة كنسخ الحكم فيصدق عليه التعريف فإن قيل: ينافي ذلك قولهم نسخ تلاوة لا حكما أجيب بأن لا منافاة لأن مرادهم بالحكم المنفي حكم خاص وهو مدلول اللفظ لا مطلقا والمراد بقولهم رفع الحكم رفع تعلقه بالفعل لا رفعه في نفسه لأن الخطاب قديم فلا يرتفع.