الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال الذي نظمنا في البيت قبل هذا لأن الأولى محمولة غلى الوقائع التي فيها قول من النبي صلى الله عليه وسلم فتعم جميع الاحتمالات والثانية محمولة على الوقائع التي ليس فيها إلا مجرد فعله صلى الله عليه وسلم فلا تعم جميع الاحتمالات بل هي من المجمل فإن الفعل لا عموم له قاله المحشيان. ومحل العموم في الأولى والأجمال في الثانية حيث تساوت الاحتمالات فإن ترجح بعضها فالعمل بالراجح واجب اجماعا. فمن القسم الثاني الذي هو معنى قولنا قيام الاحتمال حديث مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر فإنه يحتمل أن يكون لمرض وأن يكون جمعا صوريا قال المحشي وإذا احتمل كان حمله على بعض الأحوال كافيا ولا عموم له في الأحوال كلها.

وما أتى للمدح أو للذم ... يعم عند جل أهل العلم

يعني: أن العام الذي سيق للمدح أو للذم أو لغرض آخر لا يصرفه ذلك عن العموم وعزاه الرهوني للأكثر وأختاره ابن الحاجب قال في التنقيح: وذكر العام في معرض المدح أو الذم لا يخصص خلافا لبعض الفقهاء نحو ((إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم)) وقيل لا يعم وعزاه غير واحد للشافعي لأنه سيق لقصد المبالغة في الحث والزجر ولهذا منع التمسك بقوله تعالى ((والذين يكنزون الذهب والفضة)) الآية في وجوب زكاة الحلي وقيل يعم إلا أن يعارضه عام أخر لم يسق للمدح أو الذم فإن عارضه ما ذكر احتيج إلى مرجح كقوله تعالى: ((وأن تجمعوا بين الأختين)) مع قوله تعالى: ((أو ما ملكت أيمانكم)) فإن عارضه عام غير مسوق للمدح أو الذم أو نحوهما قدم ذلك المعارض عليه لأنه أقوى وإذا عارضه عام سيق لذلك تساوي معه لضعف كل منهما بالخلاف فيه فلا بد من الترجيح وعلى القول الأول ينظر عند المعارضة إلى المرجح على القول الأول. والثالث: إذا عارضه خاص سيق لذلك أم لا قدم الخاص عليه قياسا.

وما به قد خوطب النبي ... تعميمه في المذهب السني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015